إدارة الإفتاء

فصل في سنن ذبح الأضحية وآدابها

فصل في سنن ذبح الأضحية وآدابها
 
  • فصل في سنن ذبح الأضحية وآدابها
1) صفة نحر أو ذبح الأضحية :
أ - يُسْتحبُّ في نحر الإبل : أن تُنحر- أي تطعن في الوهدة التي بين عنقها وصدرها - قائمةً معقولة – مربوطة – اليد اليسرى ؛ لقول الله تعالى : ﴿ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ﴾ [الحج : 36] . قال ابن عباس:﴿صَوَافَّ﴾ قِيَامًا. [رواه البخاري] . ولحديث زياد بن جُبَير قَالَ: (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، قَالَ : ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ) [رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري] . ولحديث عبد الرحمن بن سابط (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِىَ مِنْ قَوَائِمِهَا) [رواه أبو داود] .
ب - أما في البقر والغنم : فيستحب ذبحه بعد إضجاعه على جنبه الأيسر موجهاً إلى القبلة ؛ لقوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ [البقرة : 67] . ولحديث أنس رضي الله عنه قال: (ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) [رواه البخاري ومسلم] . والصِّفاح : جمع صَفْحة؛ وهى الجانب .
- ويقول عند الذبح : باسم الله (وجوباً) ؛ والله أكبر اللهم هذا منك ولك (استحباباً ) ؛ لقول الله عز وجل ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام : 121] . ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما ذبح الكبشين يوم الأضحى قال : (اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، بِاسْمِ الله وَاللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ ذَبَحَ) [رواه أبو داود] .
- يستحب له أن يتولى الذبح بنفسه هدياً كانت أو أضحية ؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذبح أضحيته بيده كما في الحديث السابق , ونحر من البُدُن التي أهداها في حجة الوداع ثلاثاً وستين بدنة بيده . ولأن فعل الذبح قُرْبة وتَوَلِّي القربة بنفسه أولى من الاستنابة فيها . فإن وكَّل من يذبح عنه فلا بأس ؛ لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ استناب علياً رضي الله عنه في نحر ما بقي من بُدُنه .
2) وقت ذبح الأضحية :
وقت الذبح يبدأ بعد أول صلاة عيد بالبلد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ) [رواه البخاري ومسلم واللفظ له] .
- فإن ذبح قبل ذلك لم يجزئه عن الأضحية وإنما هو لحم لأهله ؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ : (مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ) [رواه البخاري ومسلم] .
- ويستمر وقت الذبح- ليلاً أو نهاراً - إلى آخر اليوم الثاني من أيام التشريق - وهو يوم الثاني عشر من ذي الحجة – وعليه فلا يجزئ الذبح في اليوم الثالث من أيام التشريق ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِى بَعْدَ ثَلاَثٍ) [رواه البخاري و مسلم واللفظ له] . ومن غير الجائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل .
- فإذا انتهى وقت الذبح – وذلك بغروب شمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة – دون أن يُضحِّي وكانت الأضحية واجبة بأن كانت نذراً ونحو ذلك، فإنها لا تسقط بل يجب ذبحها قضاءً ؛ لأن الذبح أحد مقصودي الأضحية فلا يسقط بفوات وقته . أما إذا لم تكن واجبه فحينئذٍ تسقط ؛ لأنها سنَّة قد فات محلها .
3) الأكل من الأضحية وتقسيمها :
- يُسْتحب للمضحي أن يأكل من أضحيته حتى لو كانت واجبة كالمنذورة مثلاً ؛ لحديث ثوبان رضي الله عنه قال : ( ذَبَحَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لحْمَ هَذِهِ. فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ) [رواه مسلم] .
- والسنَّةُ في الأضحية أن يقسمها ثلاثاً : ثلث له ولأهله , وثلث يهديه , وثلث يتصدق به ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال : (وَيُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَّالِ بِالثُّلُثِ ) [ذكره ابن قدامة في المغني وقال : رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني وقال حديث حسن] . ولأن الله تعالى قال : ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ﴾ [الحج : 36] . والقانع : السائل , والمعتر: هو الذي يعتريك أي: يتعرض لك لتطعمه دون أن يسأل . فذكر ثلاثة أصنافٍ فينبغي أن تُقَسَّم بينهم أثلاثاً .
- يجب عليه أن يتصدق بشيء منها ولو بأقل ما يُطلق عليه اسم اللحم ؛ لقول الله عز وجل : ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ﴾ والأمر يقتضي الوجوب . فإن لم يفعل ضَمِن هذا القدر المُجزئ ، ومن ثَمَّ يجب عليه أن يشتري ما يعادله لحماً ويتصدق به ؛ لأنه حق يجب عليه أداؤه . والمعتبر هو إعطاء الفقير منها كالزكاة , فلا يكفي إطعامه .
4) ما يَحْرُم في الأضحية :
أ - يحرم على من أراد الأضحية أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره إذا دخلت عشر ذي الحجة حتى يَذْبح ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِى الْحِجَّةِ فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّىَ) [رواه مسلم] .
فإذا ذبح فيُسن له الحلق بعده ؛ قال الإمام أحمد :(وهو على ما فَعَلَ ابن عُمَرَ رضي اللهُ عنهما تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ) ، ولأنه كان ممنوعاً من ذلك قبل أن يُضَحِّي فَاسْتُحب له ذلك بعده كالمُحْرِم .
ب- يحرم بيع شيء من الأضحية حتى شعرها وجلدها، وكذا يحرم إعطاء الجازر منها شيئاً على سبيل الأجرة ؛ لحديث عليٍّ رضي الله عنه (قَالَ أَمَرَنِى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِىَ الجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا ) [رواه البخاري ومسلم] . والأَجِلّة : جمع جلٍّ , وهو الكساء الذى يُطرح على ظهر البعير.
لكن يجوز له أن يعطيه منها على سبيل الهدية , أو على سبيل الصدقة إن كان فقيراً ؛ لدخوله في عموم من يحق له الأخذ منها , بل هو أولى ؛ لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها
5) الأكل من الهَدْ ي :
- إذا ذبح الحاج هَدْياً على سبيل التطوع فيُستحب له أن يأكل منه شيئاً يسيراً ويتصدق بالباقي ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر الطويل في وصف حجته صلى الله عليه وسلم وفيه : (... ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِى قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلاَ - أي هو وعليُّ رضي الله عنه - مِنْ لَحمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا... ) [رواه البخاري ومسلم واللفظ له] .
- وأما إذا ذبح هَدْياً من أجل أنه حجَّ متمتعاً أو قارناً – وهذا الهَدْي واجب كما سبق- فيُباح له الأكل منه ؛ لأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تمتعن معه في حجة الوداع وأدخلت عائشة الحج على العمرة فصارت قارنة ثم ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عنهن البقر فأكلن من لحومها . [رواه البخاري ومسلم بمعناه عن عائشة رضي الله عنها] . ولأنهما دَمَا نُسك فأشبها دم التطوع .
- وأما ما عدا هَدْي التمتع والقِرَان من الدماء الواجبة فلا يحل له الأكل منها ؛ لأنها وجبت بسبب فعل محظور فأشبه جزاء الصيد .
 
 
وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - دولة الكويت - إدارة الإفتاء